مع نهاية عام وبداية عام جديد ينتابني حماس شديد*لتغيير حياتي. أجلس مع نفسي وأبدأ في كتابة قائمة طويلة من الأهداف التي أريد تحقيقها والعادات السيئة التي أريد التخلص منها نهائيًا في العام الجديد.
-سأقضي وقتا أطول في القراءة والكتابة ووقتا أقل*على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي .
-سأمارس الرياضة يوميا. **
سأقلل من تناول الأطعمة المليئة بالدهون والسكريات حتى استطيع الإنقاص من وزني.*
-سأنام مبكرًا.*
-سأكون أكثر هدوءً وصبرا على الآخرين.
-سأكون أكثر تركيزَا في المهام الذي أقوم بها.
-سأستمتع بكل لحظة في حياتي, ولن أدع أي شيء أو أي أحد يعكر مزاجي.
بعد *أن*انتهيت *من كتابة *هذه القائمة وتطلعت إليها غمرتني الطاقة الايجابية.
*شعرت *أنني قادرة على تنفيذ *كل ما كتبته في
*القائمة,**ولكن هذه الطاقة سرعان ما تبددت عندما تذكرت أنني كتبت هذه القائمة من قبل الأعوام الماضية, وأنني دائما ما أكون متحمسة وواثقة من قدرتي أن**أكون إنسانة جديدة.
المشكلة أن *بعد مرور شهر يناير يفتر حماسي*وأجد صعوبة كبيرة في تنفيذ القرارات التي اتخذتها في العام الجديد وأبدأ في اختراع أعذار وحجج تمنعني من المضي في التغيير, وسرعان ما يفتر حماسي وتضعف إرادتي, و يزداد التغيير صعوبة علي وأجد نفسي تدريجيا أعود إلى ما كنت عليه. وأبدأ في لوم نفسي على فشلي في التغيير ثم يعود الحماس ليغمرني مجددا**مع اقتراب العام الجديد
أعلم أنني لست الوحيدة التي تتخذ قرارات في*العام الجديد ثم تفشل في تنفيذها.
*اننا دائما ما نختار**أن نبدأ*التغيير في اليوم الأول من *العام الجديد بالتحديد دونا عن باقي أيام السنة لأن مرور عام بكل أحزانه وأفراحه و مجيء عام جديد في حياتنا عادة ما يعطينا شحنة تفاؤل**ويجدد الأمل في نفوسنا. الأمل في أن نكون أشخاص جدد , أشخاص مختلفين**, أشخاص أقوياء**قادرين على التعلم من تجاربهم وعدم تكرار أخطائهم , أشخاص لديهم الإرادة والعزم على تغيير حياتهم وتحقيق كل أحلامهم, ولكن هذا الإيمان الجميل في قوة إرادتنا عادة ما يعمينا عن واقعنا ويجعلنا نتخذ عدد ضخم من القرارات التي تتجاوز قدراتنا وإمكانياتنا.
الحماس الزائد والايمان بأننا مع بداية العام الجديد*يمكننا**أن نولد من جديد ونصير بشر آخرين اعتمادا على قوة إرادتنا فقط عادة ما ينتهي بالفشل. الواقع**يؤكد أن الطبع يغلب التطبع وأن العادات القديمة الراسخة مثل الأشجار يصعب اقتلاعها لأنها قوية الجذور .
*صحيح أن الإنسان بإمكانه أن يغير نفسه ويعدل من سلوكه لكنه لا يستطيع أن يكون إنسانا مختلفا*. التغيير الجزئي ممكن ولكن التغيير الكلي مستحيل, بإمكانك**أن تكون نسخة أفضل من نفسك ولكن لا تستطيع في النهاية**أن تكون إلا نفسك , و التغيير لا يمكن أن يعتمد**على**الإرادة فقط , فالإرادة**تمر بفترات قوة وضعف لأنها تعتمد على الحالة المزاجية والظروف الخارجية.
* إن أردت أن تغير سلوكك لابد أن تغير أشياء أخرى كثيرة, منها البيئة المحيطة بك وطريقة*تفكيرك ونظرتك للحياة ورد فعلك على الظروف الخارجية.
لابد أن* تحول قراراتك*إلى أهداف محددة وواضحة وتقسمها إلى خطوات صغيرة بإمكانك أن تقوم بها بسهولة.
لقد اكتشفت أن *التغييرات البطيئة الصغيرة أفضل*من التغييرات الكبيرة السريعة لأنها تتطلب مجهودا أقل ومن السهل الحفاظ عليها والاستمرار فيها.
السبب الآخر الذي يؤدي إلى فشل قرارات العام*الجديد هي أننا نربطها بالعام الجديد , نربطها**بالغد وليس باليوم, إننا ندعي أننا نريد التغيير ولكننا في الحقيقة نخشى التغيير للغاية**ونحاول الهروب منه فنقوم بتأجيله ورهنه بنقطة بعيدة في المستقبل.
نحن لا نملك المستقبل, إننا لا نملك إلا الحاضر أو*بالتحديد هذه اللحظة التي نعيش فيها, وهذه اللحظة هي الشيء الوحيد الذي يمكننا التحكم فيه ومن الأفضل أن نقوم بالتغيير الآن بدلا من أن نؤجله إلى الأسبوع أو الشهر أو العام القادم.
الانتظار مضيعة للوقت فالعمر قصير ولأن*التنفيذ ممكن في هذه اللحظة .
لذا قررت التخلي عن ربط قراراتي بالعام الجديد*لأني اكتشفت أن العام الجديد لا يملك عصا سحرية بإمكانها أن تغيرني وتحيلني إلى إنسانة أخرى, العام الجديد لا يعني شيئا في حد ذاته, أنا من أعطيه**الأهمية و**المعنى, أنا من أعلق عليه الآمال العظيمة وأضع عليه عبئا ضخما**وأطلب منه أن يمنحني القوة لكي أغير نفسي, و عندما تمضي الأيام**وأفشل في التغيير ألومه**وأقول أن حظي كان سيئا هذا العام. الحقيقة أن حظي لم يكن سيئا لكنني**كنت غبية وكررت الخطأ نفسه عدة مرات على أمل الخروج بنتيجة مختلفة .
لكني تعلمت من خطأي* ولذا كان قراري الأول *في هذا العام هو أنني لن أتخذ أي قرارات في العام الجديد.*
لقد قررت أن أبدأ التغيير في هذه اللحظة وأن*أجعل التغيير بطيئا وتدريجيا.
*أعلم أنني سأضعف كثيرا وسأحيد عن أهدافي مرارا وتكرارا ولكني سأصر على النهوض والعودة والمواصلة مهما كانت الظروف, لقد**علمتني محاولاتي*الفاشلة*أن*أكون صبورة ومتسامحة مع نفسي وأن أحتفل بإنجازاتي الصغيرة, بكل خطوة أمشيها إلى الأمام, علمتني أن*أحتفل بنفسي لأنني*امتلكت الشجاعة وحاولت التغيير, وليكفيني شرف المحاولة.
